QUNUT

الْقَوْلُ فِي قُنُوتِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ

 مَسْأَلَةٌ : الْقَوْلُ فِي قُنُوتِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " وَلَا يَقْنُتُ إِلَّا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ ابْنُ عُمَرَ ، وَمُعَاذٌ الْقَارِي " . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَهُوَ صَحِيحٌ . 
الحاوي في فقه الشافعي - (ج 2 / ص 292)
وَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي جَمِيعِ الدَّهْرِ ، وَدَلَّلْنَا عَلَيْهِ . فَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ فَغَيْرُ سُنَّةٍ فِي شَيْءٍ مِنَ السَّنَةِ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : الْقُنُوتُ سُنَّةٌ فِي الْوِتْرِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ . وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيٍّ ، وَقَالَ : صَلِّ بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً ، وَلَا تَقْنُتْ بِهِمْ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ ، فَصَلَّى بِهِمْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَشْرِ الثَّانِي : وَتَخَلَّفَ فِي مَنْزِلِهِ فِي الْعَشْرِ الثَّالِثِ ، فَقَالُوا : ابْقَ أُبَيُّ ، وَقَدَّمُوا مُعَاذًا ، فَصَلَّى بِهِمْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَقَنَتَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ عَلَى أَنَّ الْقُنُوتَ سُنَّةٌ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا غَيْرَ . فَأَمَّا رِوَايَتُهُمْ عَنْ أُبَيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ ، فَلَيْسَ بِثَابِتٍ لِأَنَّ أُبَيًّا لَمْ يَكُنْ يَقْنُتُ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ . قَالَ الْمُزَنِيُّ : سَأَلْنَا الشَّافِعِيَّ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ فَقَالَ : لَا يُحْفَظُ عَنْهُ قَطُّ ، وَحَسْبُكَ بِالشَّافِعِيِّ ، يَقُولُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ رُوِيَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةِ الشَّهْرِ حِينَ كَانَ يَقْنُتُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ ، ثُمَّ تَرَكَ .
 مَسْأَلَةٌ : قَالَ الشَّافِعِيُّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " وَآخِرُ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَوَّلِهِ ، وَإِنْ جَزَّأَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا فَالْأَوْسَطُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقُومَهُ " . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَحَبَّ الْمُصَلِّي أَنْ يُجَزِّئَ لَيْلَهُ جُزْأَيْنِ أَحَدُهُمَا : لِنَوْمِهِ ، أَوْ لِشُغْلِهِ وَالْآخَرُ لِصَلَاتِهِ ، فَالْجُزْءُ الْأَخِيرُ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَجْعَلَهُ لِصَلَاتِهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ [ آلِ عِمْرَانَ : ] . وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى أَنِ انْتَصَفَ اللَّيْلُ ، وَقَامَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى أَنْ جَاءَ بِلَالٌ وَلِأَنَّهُ إِذَا قَدَّمَ نَوْمَهُ كَانَ ذَلِكَ أَسْكَنَ لِجَسَدِهِ ، وَأَخْلَى لِقَلْبِهِ ، وَأَنْقَى لِرُوعِهِ ، وَأَمْكَنَ لَهُ فِي عَادَتِهِ ، وَأَمَّا إِنِ اخْتَارَ أَنْ يُجَزِّئَ لَيْلَهُ أَثْلَاثًا ، فَيَجْعَلُ ثُلُثًا لِنَوْمِهِ ، وَثُلُثًا لِصَلَاتِهِ ، وَثُلُثًا لِنَظَرِهِ فِي أَمْرِهِ ، فَالثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَجْعَلَهُ لِصَلَاتِهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا [ الْمُزَّمِّلِ : ] ، يَعْنِي : نَاشِئَةَ مَا تَنْشَأُ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ : الصَّلَاةُ فِي اللَّيْلِ الْبَهِيمِ يَعْنِي : الْأَسْوَدَ . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا ، وَيُفْطِرُ 
يَوْمًا ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ أَخِي دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ الثُّلُثَ ، وَيَقُومُ النِّصْفَ ، وَيَنَامُ السُّدُسَ وَلِأَنَّ أَوْسَطَ اللَّيْلِ أَهْدَأَهُ ، وَأَخْلَاهُ فَلِذَلِكَ مَا اخْتَرْنَاهُ .

0 Response to "QUNUT"

Posting Komentar